منذ بداية التحضيرات لانتخابات 6 ايار 2018 اعلنت حركات اليسار اللبناني بقيادة الحزب الشيوعي اللبناني، انها تخوض المعركة في مواجهة قوى السلطة والاحزاب الطائفية كما تسميها قيادات هذه الحركات واليوم على بعد ايام من انتهاء فترة تقديم الترشيحات يسعى الشيوعيون والحراك المدني والديمقراطي وباقي تلاوين اليسار الى تشكيل لوائح بعيدة من لوائح حزب الله وحركة امل في الجنوب وخصوصاً ان الثنائي الشيعي اغلق "مبكراً" باب النقاش امام اي اصوات اعتراضية فردية اوحزبية خارج لوائحه. وفي الاساس لا مجال وفق اوساط الثنائي الشيعي ان يكون هناك قوى خارج تكتل امل وحزب الله انتخابياً رغم ان العلاقة السياسية مفتوحة مع كل من يتفق معنا في عناوين المقاومة ومواجهة العدو وخصوصاً في الملفات الداخلية والاجتماعية والاقتصادية بغض النظر عن كيفية مقاربات هذه الملفات التي قد تختلف جذرياً بين الثنائي الشيعي على سبيل المثال والحزب الشيوعي اللبناني. ويبدو وفق اوساط التيار الوطني الحر ان النقاشات مع الحزب الشيوعي والقوى المستقلة لم تصل الى تقارب انتخابي والى شراكة في المناطق التي لم يرشح فيها التيار كصور والنبطية ومرجعيون وقد تردد ان هناك توجه لدعم برتقالي لمرشحي "السنديانة الحمراء" ومن باب تجيير بعض الاصوات المسيحية. لكن الاوساط تؤكد ان الامور ليست "ماشية" لا في الجنوب ولا في الشوف عاليه ولا في المتن والشمال.
اما في مقلب الحزب الشيوعي اللبناني فيقول امينه العام حنا غريب لـ"الديار" ان الحزب الشيوعي، يخوض الانتخابات النيابية انطلاقا من برنامجه الذي اعلنه، باعتبار المعركة الانتخابية معركة سياسية بامتياز، بمعنى ان المواجهة يجب ان تستمر ضد القانون الانتخابي وضد السلطة التي أقرته. فلأن القانون الانتخابي طائفي، فإننا سنواجهه انتخابيا كعلمانيين ويساريين وديمقراطيين غير طائفيين وكقوى مدنية وشعبية؛ تحت شعار الدولة المدنية والعلمانية، ولأنه تفتيتي، فإننا سنواجهه كوطنيين ومقاومين ليس فقط ضد إسرائيل ومجموعات الإرهاب بل أيضا ضد النظام الطائفي نظام المحاصصة والفساد، نظام افقار اللبنانيين وتهجيرهم، ،ولأنه إقصائي تجاه العمال والأجراء والفقراء والنساء والشباب، فإننا سنواجهه استكمالا للمواجهات والتحركات التي حصلت في السنوات الست الماضية من خلال الاستمرار بطرح القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تطال هذه الفئات، تحت شعار دولة الرعاية الاجتماعية التي لن تتحقق في ظل دولة المحاصصة وسلطتها الفاسدة الساعية لاعادة انتاج نفسها من جديد.
وعن المشاورات التي اجراها الشيوعي مع قوى في 8 و14 آذار، يقول غريب : تجمّعت قوى السلطة بين معسكري 8 و14 آذاروأنتجت هذا القانون الانتخابي المرسخ للطائفية والذي استهدف ضرب الإصلاحات السياسية في تجويف النسبية من مضمونها الحقيقي كنسبية خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة واحدة ، فضاربوا بذلك صحة التمثيل بشكل عام ومعه تمثيل القوى اليسارية والعلمانية والمدنية بشكل خاص،إضافة لضرب الإصلاحات الانتخابية المتعلقة بشكل بحق الشباب بالاقتراع عند سن الـ18 سنة والغاء الكوتا النسائيه . فكما توحدت قوى السلطة دفاعاً عن مصالحها وامتيازاتها الطبقية الضيّقة وصاغت توجهها المرسِّخ للحالة الطائفية لتعيد انتاج نفسها من جديد من هنا او من هناك، فإنه، على قوى الاعتراض الشعبي والديمقراطي، التجمّع من الموقع النقيض، الموقع المرسِّخ للحالة الوطنية العلمانية الديمقراطية، وعلى هذا الأساس أعلن الحزب نداؤه الى هذه القوى: "اتحدوا، وكونوا معا صوتا واحدا للتغيير". ثم اطلق مبادرته لتجميع قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي في اللقاء الوطني الجامع في 4 شباط ، في مسرح المدينة ببيروت، وتلاه العديد من المبادرات واللقاءات التجميعية التي حصلت في العديد من دوائر الجنوب والجبل والشمال والبقاع. وعن المعلومات التي ترددت عن تقارب بين الشيوعي والتيار الوطني الحرورئيسه الوزير جبران باسيل يشير غريب الى اننا نخوض المعركة من موقعنا المعارض الديمقراطي المستقل بمواجهة أحزاب السلطة وعلى قاعدة تجميع قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي وهي الفكرة التي تكاد تختصر المضمون السياسي للمعركة الانتخابية، والأساس بالنسبة لنا هو بناء البديل السياسي وتعديل موازين القوىتتويجا لماحصل في السنوات الأخيرة من تغيّرات ذات دلالة في المزاج الوطني، تمثلت في ازدياد حيوية شرائح اجتماعية واسعة كانت عرضة للإقصاء من جانب النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولم تجدسبيلاً سوى الانخراط في حركة الاعتراض والاحتجاج الشعبي، وكردّ عملي على الخطاب الاستفزازي لأحزاب السلطة المستهتر بكرامات اللبنانيين وبحقوقهم، جراء تعاظم الاستئثار الطبقي واستفحال الفساد والمحاصصة والتفاقم المريع في الأوضاع المعيشية للأجراء والسكان عموماً.
وعن مساعي جمع اليسار في لائحة واحدة، يقول غريب ان قرارنا في خوض الانتخابات النيابية القادمة: ترشيحاً واقتراعاً لمرشحي الحزب واللوائح التي سيشكلها أو التي سيشارك في تشكيلها، وتبنّياً ودعماً للوائح "الحالة الاعتراضية الديمقراطية"، في حملة انتخابية وطنية واحدة على صعيد لبنان ككل ووفق برامج وشعارات موّحدة.ومن ينجح من هذه اللوائح فهو يمثلنا، فنحن لا نريد شيئا فئويا خاصا لنا، بل نريد توحيد قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي في هذه المعركة، ونحن مستعدون لتقديم كل التنازلات في سبيل تحقيق ذلك، وترشيحاتنا الحزبية هي في خدمة تحقيق هذا الهدف. وتبذل جهود مكثفة في مختلف الدوائر ( من بيروت الى صور والزهراني والنبطية ومرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل والشوف وعاليه والمتن وجبيل وبعبدا .... الخ)في سبيل تحقيق ذلك .
والتوجّه لدينا السعي بروحية تغلّب المقاربة الديمقراطية الكلّية التي تعكس المصالح العامة المشتركة للكتلة الشعبية المتشكّلة، بدل الغرق في مقاربات جزئية ضيّقة وخاصّة. والحزب الشيوعي مقتنع، إلى أبعد الحدود، بأن الوزن والحضور السياسي والانتخابي للحالة الديمقراطية العامة يبقى في جميع الأحوال أكبر شأناً وأهمّ من مجرّد المجموع الحسابي للأصوات الانتخابية الخاصة التي يمكن أن يوفّرها كل من تلك المكوّنات على حدة. كما نعمل لتنظيم معارضة ديمقراطنية ووطنية تكون ثمرة كل اللقاءات والحملات التي جرت تحت مسميات مختلفة في حملتنا الانتخابية بدءا من لقاء مسرح المدينة الى حملة صور- الزهراني معا الى نوار المتن الى لقاءات النبطية ومرجعيون .... اذن نحن ذاهبون باتجاه التحضير لمؤتمر وطني جامع لكل قوى التغيير الديمقراطي السياسي والشعبي والنقابي لخلق حالة سياسية جديدة في البلاد لمتابعة المعركة لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية من اجل إنقاذ البلد من الازمة السياسية الاقتصادية والاجتماعية الناتجة من ازمة نظامنا السياسي الطائفي ومن سلطته الفاسدة.